المشاركة المغربية في الدورة 21 لمهرجان الرباط الدولي للسينما المؤلف

صــــفــــــاء آغـــــــــا


تميزت الدورة 21 من عمر مهرجان الرباط الدولي للسينما المؤلف بمشاركة مميزة للسينما المغربية حيث كانت  إدارة المهرجان تعمل دائما على الإحتفاء بما يمكن أن نسميه بالمؤلفين السينمائيين المغاربة سواء إختلافنا على منجزهم أو إتفقنا معهم ولكن يبقى دائما  لهم حضورهم  وأسلوبهم المتميز، على إعتبار أن هناك فلمين على مستوى المسابقة الرسمية ” جوع كلبك ” للمخرج ” هشام  لعسري ” وهو فيلم  يحاكي التاريخ المعاصر للمغرب من خلال واحد من رموز النظام الأمني السابق خلال سنوات الرصاص من حقبة الستينات وحتى أوائل حقبة التسعينات حيث قرر فجأة البوح بأسرار خطيرة عن الفترة السابقة.

وهو فيلم يسير في نفس الخط الذي رسمه هشام لعسري منذ أولى أفلامه  خاصة الطويلة ” النهاية ” و فيلم ” البحر من ورائكم ” الذي يشارك في برنامج العروض الخاصة وهو دائما يشتغل على تجريب ورسم مسطر خاص بسيما هشام لعسري وهي سينما ليس لها ميول تجاري ولا تسعى لإرضاء الجمهور الواسع ولكنها ترضي النقاد والمثقفين  لأنها سينما تغوص في المجتمع الواقعي وأحيانا السياسي. 

وفيلم ” إطار الليل ” للمخرجة ” تالا حديد ” وهو فيلم شاعري مصنوع بعناية فائقة لا سيما أنه فاز بالعديد من الجوائز في المهرجانات التي شارك فيها ومن أبرزها الجائزة الكبرى للفيلم الوطني بطنجة كما أنه حضي بدعم عدة مؤسسات سينمائية دولية بعد عرضه في مهرجان مراكش الدولي في فئة ” نبضة قلب ” بمعنى أنه فيلم قوي يروي بفنية وحرفية سيرة شخصياته الهشة والمفككة التي تبحث عن معنى لوجودها وقصته غير إستهلاكية تستفز المشاهد لتفكير والتفاعل معها، وهما  فيلمين مهمين  وأكيد سوف تكون المنافسة قوية على جائزة من جوائز المهرجان.

 

بالإضافة إلى أن هناك أفلام ضمن بانوراما الفيلم المغربي وفيها مجموعة من العروض الخاصة للأفلام  والتي ربما لم يتمكن الجمهور الواسع من مشاهدتها والتي بعضها لم يوزع في القاعات السينمائية مثل فيلم ” ميلودية المورفين ” للمخرج ” هشام أمال ” وبطله الممثل  ” هشام بهلول  ” الذي حاول حمل الفيلم على ضهره، والفيلم كله كان بمثابة تنبأ  بقصة حادث ستقع لبطل الفيلم في الواقع، وهو فيلم يروي سيرة سعيد طرابيك مؤلف موسيقي ناجح ، يفقد ذاكرته إثر تعرضه لحادث سيارة، بعدها يبدأ بإستعادة تدريجية للذاكرة، وتعود حياته لوضعها الطبيعي، إلا أنه يدرك بعد بضعة أشهر أنه لم يعد يقدر على تذكر شيء وحيد وهو كيف يؤلف موسيقاه، بمعنى أن الفيلم هنا نجده يطرح قضية مهمة جدا وهي قضية الإبداع  وهل يمكن أن يفقد الإبداع وكيف يمكن أن يعيد للذاكرة القدرة على الإبداع.


فيلم ” جوق العميين ” لمخرجه ” محمد مفتكر ” والحائز على عدة جوائز في مهرجانات عديدة أخرها مهرجان  ” أيام قرطاج السينمائية ” بالجمهورية التونسية   وهو يحكي قصته في فترة معينة من تاريخ المغرب تتجسد من خلال فرقة الأركسترا  للموسيقيى الشعبية ” شيخات ” حيث يضطر أعضاءها  من الرجال إلى التنكر والتظاهر أحيانا بالعمي من أجل العمل في الحفلات المخصصة بالنساء والتي تنظمها العائلات المغربية المحافظة آنذاك والتي كان ممنوع فيها الإختلاط.

 

بالإضافة لفيلم ” عايدة ” للمخرج ” إدريس المريني ”   هو فيلم متميز شرح  من قبل المؤسسة للأوسكار ، له خصوصية في معالجة قصة يهودية مغربية تعيش في بلاد المهجر  ، بعدها إكتشافها لإصابتها بمرض السرطان  مفضلة  أن تقضي آخر عمرها في بلدها الأم المغرب  مع عائلتها لتبدأ رحلة جديدة في البحث عن ذكريات طفولتها القديمة التي  تمكنها من بعث الأمل فيها من جديد وتخرجها من دائرة الكآبة.

أما بالنسبة لفيلم ” تصنت لعظامك ” رغم أن مخرجه ” التيجاني أشريكي ” لم يخرج منذ فترة فيلما طويلا لكن يتميز بأسلوبه التشكيلي الخاص في رؤيته الإخراجية وكتاباته حيث يقدم من خلال فيلمه قضية من قضايا الفساد الإجتماعي من خلال ثلاث أقنعة لثلاث سلط مختلفة المفروض فيها حماية الوطن وماله العالم وذلك من  حيث صراع يأخذ تارة صورة مباشرة وتارة أخرى تنافس خفي ملغوم عن طريق مناورات قصد الإحتكار والسطو على  الفضاء بإستغلال نفوذهم كل من خلال موقعه. 

فيلم  ” كاريان بوليوود ”  للمخرج الشاب ” ياسين فنان ” هو أولى تجاربه السينمائية في الشريط الطويل الذي حاول أن يسلط الضوء على الحياة التي يعيشها سكان دور الصفيح في المجتمع المغربي من خلال شاب ثلاثيني يتيم ” الأب ” يعيش داخل مخيلته ويحلم بأن يغير واقعه المعاش من خلال عشقه وتأثره بالسينما الهندية بأن يصبح يوما نجما من نجوم  بوليود  محاولا إنجاز فيلم هندي متكلا في ذلك على بعض أصدقاءه من أبناء الحي الصفيحي بإمكانيات هزيلة وبسيطة تفتقر لأدنى شروط الحرفية أملا أن حلمه هذا سيمكنه من تحقيق حلمه والفوز بقلب حبيبته التي تنتمي إلى طبقة أرستقراطية وكل هذا في قالب كوميدي هزلي ودرامي ساخر.

 

بمعنى أن مكانة الفيلم المغربي في هذه الدورة  21 لمهرجان الرباط للسينما المؤلف موجودة بقوة وبمنهجية مدروسة من قبل إدارة المهرجان في إختيار الأفلام المشاركة سواء إختلف معها البعض أو إختلف فإننا يمكننا القول أو الإعتراف بأنها إنتصرت للسينما المؤلف .

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد