بقلم: عبدالكريم الدهري
في بلد الأكثر من 80 مليون نسمة،المجرم السيسي إنقلب على الشرعية و قتل أكثر من 4 ألاف مواطن مصري في أقل من أسبوع بإستعمال كل الأسلحة في حق إخوته و أخواته ، كما أنه إعتقل الألاف و ليس المائات ،ليحافظ على كرسيه الملعون ، ماذا فعل المنتظم الدولي و ماذا فعل المنتظم الإسلامي بالخصوص؟رغم أن مطالب كل الذين قتلوا أو أعتقلوا أو جرحوا مشروعة جدا …لم يفعلوا شيئا رأينا مفعوله على أرض الواقع من غير البهرجة الإعلامية..أتعرفون لماذا؟؟لأن الشعب المصري رغم كل ما يعيشه من فقر و ويلات إلى أن أغلبيته يعتبرون حرمانهم من حقوقهم شيء عادي جدا ، لكن في المقابل أن تحاول التفكير فقط (مجرد تفكير) في حرمانهم من هز الوسط و المجون و العبودية، فهذا خط أحمر و مستعدون للتحالف ليس مع الشيطان فقط بل حتى مع الغول نفسه لإعطاء الشرعية لقتل الأحرار و الحرائر.
إن من يفكرون في أن ضغط الخارج سيساهم في تحسين أوضاع أوطانهم المليئة بالخونة و العبيد و أرذال القوم ، يجهلون أو يتجاهلون من أن هذا مجرد زخم يولد العدم ، فهو لن يجدي نفعا و إن كشف السوءة وأضعف السوء ،و يأتي في المقابل بعكس ما يرجوه من يبنون عليه الأمال و الأحلام .فصورة البلاد تصبح أكثر ضبابية و يعتريها التشويه أكثر مما هي مشوهة، فتفتقد بعض أساسيات إقتصادها و مقومات بنائها المثقوبة أصلا.
إن الضغط الذي يمكن أن يحقق للشعوب ما تطمح إليه في نظرتي الشخصية المتواضعة هو ضغط الداخل ، الذي لا يمكن أن يأتي بما هو إيجابي إلا إن تبنته فئة عريضة و طويلة من الشعب و تكون هذه الفئة قد تخلصت من عشرات الشوائب التي تعشعش عقولها و قلوبها .
في أي بلد كان هناك قوى داخلية لها ستطوتها على أركان كثيرة في الدولة و تستفيد بشكل متوارث على الثروات ،و ستفعل المستحيل لتقضي على كل الثورات التي ستهدد ما جعلها تكنز الذهب و الفضة على مر القرون و ليس السنوات فقط.
إننا نعيش مع قوم يركعون لرب عملهم و لشيخ زاويتهم ،فكيف تعتقدون أنهم سيقفون مرفوعي الهامة مع جندي أو غيره يحمل عصا بلاستيكية ناهيك سلاحا محشوا أو فارغ.
دون أن نتحدث عن تصرفاتهم بمجرد رؤية ملكهم من بعيد ناهيك على بعد متر…
كيف لشخص يصبح أرخص من الحمار نفسه،يبيع صوته في الانتخابات ما بين 100و300درهم ليوصل فاسدا إلى كرسي السلطة ،رغم معرفته المسبقة بفساده ،و حجته الوحيدة على هذا الجرم و تزكيته هذا المجرم ، لا يوجد بديل و هذا المبلغ خير من لا شيء.
ماذا سيفعل بهذا المبلغ خلال 5 سنوات؟؟؟
كيف لطالب جامعي أن يقود حملة إنتخابية لأحد رموز الفساد مقابل 2500درهم ؟؟
كيف لموجز أن يسهر على حملة إنتخابية لأحد المفسدين مقابل 10000درهم؟؟
ماذا تنتظرون من هذا الشعب أن يحقق لكم من أحلام ؟؟؟
إن النسبة الصغيرة جدا من الأحرار و الحرائر التي تخرج للشارع تحترق لتضيئ الطريق للعميان ، إنها تعتقل ليحب العبيد العبودية أكثر لا العكس .
سيعتبر الكثيرون كلماتي ضربا من التشاؤم و الإنهزام و اليأس ، لكن لغاية أن يثبتوا العكس فهم على خطأ و كلمي يتحمل و يتحامل على الكثير من الصواب.
في تجربتي البسيطة كناشط إعلامي بمدينتي البئيسة التي يتجاوز تعداد سكانها 40 ألف نسمة ، و من خلال بعض المقالات أو الأخبار التي أصل إلى نسبة عدد زوارها و مشاهديها، أجد أن أقل من 2000شخص يتابعون أحداث مدينتهم بشكل متقطع و أقل من 1000 شخص بشكل دائم و أكثر من 5000 شخص تستهويهم أخبار الجنس و القتل و الإختطافات و غيرها من الأخبار التافهة المثيرة.فيما أن كل ما يتعلق بالمواضيع الهادفة فلا يتابعها أكثر من 500 شخص.
هذه الإحصائيات البسيطة جدا و التي من خلالها طفل في مستوى الإبتدائي إن طرحت عليه سؤالا يقدم فيه ملاحظاته عنها سيعطيك إجابات منطقية جدا و صادمة في نفس الوقت.
سيجيبك إن كان كسولا للغاية و يقول لك مدينتي فيها 500مواطن هادف.
سيكون جوابه صوابا لأبعد حدود .
ماذا ستقدم أو ماذا ستحقق في نظركم هذه الفئة للمدينة و إن تجاوزت هذا العدد لأربع أضعافه أو حتى لعشرة ؟؟؟
لن يتمكنوا في تغيير حتى مجرى الانتخابات ناهيك مجرى مصلحة المدينة ككل و التي تبتدئ من الانتخابات.
في إعتقادي الشخصي أيضا، أجد أن المجهود الكبير الذي يبذله نشطاء الحراك إن كانوا ينتمون طبعا للفئة الهادفة من ساكنة مدينتي و غيرها من المدن ،إن بذل على مر الأيام في تأطير الساكنة ،و لو بشكل جزئي جدا سيرفع من نسبة الوعي أي نسبة المواطنين الهادفين و سيكون مجهودهم طبعا تحت الوحدة الترابية و مقدساتها و سيبعدهم بلا شك عن الملاحقات و المتابعات و تشويش الأهل و الأقارب ..
سيقال ما الجدوى من هذا ؟؟؟ سأقول أضعف الإيمان ستقلب الموازين في الإنتخابات.
سيقال الانتخابات مجرد مسرحية؟؟؟سأقول الانتخابات تبقى مجرد مسرحية لأن الشعب لا يمثل فيها بشكل كبير بل فقط فئة معلومة لا تسمن و لا تغني من جوع تلعب فيها كل الأدوار، و لا يمكن أن تبقى مسرحية إن إستطاع كل شخص أو الأشخاص الهادفون في كل مدينة مدينة المساهمة في مضاعفة نسبة الهادفين التي ستضاعف نسبة تسجيل الأهداف التي ستحقق على الأقل أول خطوة إلى مستقبل واعد ،ودائما في ظل إستقرار الوطن.
إن الخروج إلى الشارع الأن شيء إيجابي من ناحية و لكنه سلبي من ناحية أخرى.
سيقال لي كيف؟؟
كل المطالب التي ترفع في كل المدن هي مطالب مشروعة و لكن لا يمكن تحقيقها في ظل مسؤوليين محليين يفتقدون إلى المصداقية ،و أيضا إلى المستوى الذي يروق تلك الكراسي التي يجلسون عليها مثل الأصنامات ،و التي كانت من نصيبهم بفضل ساكنة أغلبها لا تعرف و لو شق ثمرة من تطورات أحداث مدينتها أو حقيقة من إخترتهم في بعض الأحيان.
إن أول من يجب محاسبتهم في الشارع هم المنتخبون المحليون البرلمانيون منهم أو جماعيون ،و قس على ذلك..
سيقال من جديد الدولة متورطة معهم …
و أقول لكم من جديد إن نسبة المواطنين الهادفين في باقي ربوع الوطن هي تقريبا نفسها في مدينتنا و إن كان هناك إختلاف بسيط و هذا طبعا حسب تعداد سكان كل مدينة.
وهذه الدولة الغير الهادفة ولدت من هذا الشعب الغير الهادف.
سيقال الشعب غير هادف بسبب سياسة أصحاب القرار ،و أقول إن الكلب يستطيع قيادة قطيع من الغنم و إن الذئب لا يأكل منها إلا الشاردة.إن كانت هي سياسة الدولة فهذا يعني أننا قطيع من الأغنام و ليس بشرا نهائيا و هذا من منطلق تفكير و رؤية للواقع من زاوية تجربتي في الحياة.
الحديث سيطول و كي لا يكون كلامي مملا أكثر مما هو ممل الأن .أقول لكم بكل صدق و أتحمل مسؤولية كل ما أقول ،من المستحيل جدا أن يتحقق بالحراك الشعبي ما سيأتي بالفائدة الدائمة ليست المؤقتة التي تحاول سياسة الدولة إخماد ما يمكن إخماده في كل ربوع الوطن ،لأنه يبقى غير هادف فقيادته الهادفة على رؤوس الأصابع و تدفع إلى التهلكة أقلها السجون،و البقية مدفوعة من من يعرفون تسجيل الأهداف في الوقت المناسب و المكان المناسب لخدمة أجنداتهم السياسية و الحفاظ على عروشهم بطرق كيدية…
في الوقت الذي تبتدأ فيه مصلحة الوطن ،يعود فيه الجميع إلى المنازل و يبدأ مسلسل بيع و شراء الذمم من أبطاله المعروفين و العالمين بأسرار اللعبة و خبايا الساكنة الغائبة و الحاضرة فقط لتحقيق مصالحهم الشخصية.
ألا تشعرون أن الشارع هم من يحركونه على هواهم و يختارون من سيسجنون و من سيخدهم و من سيروضون مستقبلا ودائما لتحقيق مخططاتهم ؟؟؟
أين يكون الشعب خلال الإنتخابات ؟؟؟
يقاطع الإنتخابات يغيب عنها ؟؟؟40 مليون نسمة هل هذا العدد عادي ؟؟؟ ألا يمكن أن يصنع المعجزات؟؟؟
عودوا إلى منازلكم و حاولوا توعية الجميع ، لكن بعد ثلاث سنوات أخرجوا بقوة إلى الصناديق و إقلبوا الموازين ، فإن لم تنقبل فإقلبوها حينها على عروشهم…
من غير هذا لا أرى وطن يتسع للجميع و لا أرى مستقبلا زاهرا و لا شعبا مزهرا..