ما بعــد مؤتمــر المنــــاخ! ؟

بقلم محمد السعيد مازغ

ما بعد مؤتمر المناخ! ؟  سؤال عريض يطرحه الشارع المراكشي، بعد ان تحولت مدينة مراكش الى تحفة قل نظيرها، وقبلة حاضنة لشعوب العالم، تفيض جمالا ورونقا، ويضفي عليها الجو المعتدل سحرا وجاذبية، أغرت الزوار بالتجول داخل اسواقها وأحيائها ومآثرها التاريخية، وساحتها العالمية، فكانت اغلب الانطباعات إشادة بما حققه المغرب على المستوى البيئي، وعن جمال المدينة وبنيتها التحتية، وحسن معاملة أهلها، وكل ذلك يعتبر مفخرة للمدينة والوطن برمته، فهل من ضمانات لحماية هذه المكتسبات التي يرجع الفضل في تحقيقها وانجازها إلى مؤتمر المناخ.

 

حدائق كتب لها أن تحيى من جديد، وتزهو بالوان الطبيعة الفيحاء، بعد أن تحولت إلى معارض تسر الناظرين، وتبعث على الارتياح، وشوارع اشرقت انوارها، وتلألأت اقواسها وجنباتها، وأصبحت نموذجا منافسا لأهم شوارع الدول الغنية، والجميل هو الاختفاء المفاجئ ” للشمكالة ” وجيوش المتسولين والمعربدين، ولصوص الدراجات النارية المتخصصين في نشل الحقائب والهواتف النقالة، كما تراجعت فوضى السير والجولان، وبدت وسائل النقل بما فيها الدراجات العادية والنارية وهي تمتثل للضوء الاحمر، ولا تتجاوز خط الحدود الذي سطرته الجهات المسؤولة على مشارف اشارات المرور.

 

شوارع وازقة المدينة اصبحت نظيفة، حيث تم تجنيد الشباب لهذه الخدمة، ومع امطار الخير التي تساقطت في اليوم الاول من المؤتمر، اختفت آثار التلوث، وبدت المدينة ناصعة البياض، ريحها نسيم ينعش النفس، واخضرارها يفتح الشهية على الانغماس في جمال الطبيعة واصطياد حلم منفلث من عقاله.

اغلب هذه التحف، أنجز في وقت قياسي، فكان الضغط الزمني، والشخصيات الوازنة من رؤساء الدول وقادة العالم ممن أكدوا حضورهم إلى مدينة مراكش، ومشاركتهم الشخصية في فعاليات مؤتمر الولايات المتحدة للمناخ كوب 22، وغضبة الملك على المسؤولين المحليين، بعد أن عاين البطء الذي تسير به الاشغال، كلها عوامل، فتحت الباب للخلق والابداع، وبدل المجهود من اجل استقبال ضيوف المغرب وتوفير كل سبل الراحة، وبالتالي إعطاء المثل في احترام البيئة والعمل على تفعيل بنوذ الاتفاقات التي التزم بها المغرب على مستوى الطاقات المتجددة، والحد من انبعاث الغازات، إلى جانب تحسين علاقة المغرب بالدول الافريقية، وبناء استراتيجيات مستقبلية لخدمة شعوبها، وبالفعل لم تذهب هذه المجهودات هباء، حيث أثارت إعجاب الجميع، واشادت بها العديد من القنوات الاعلامية العالمية.

 

اسدل الستار عن كوب 22، و عاد المشاركون إلى ديارهم، و الامنيون إلى ثكناتهم، وممثلوا الامم المتحدة إلى قواعدهم، ولم تبق سوى المدينة وسكانها وزوارها وطيور اللقلاق المعشش فوق مرتفعات قصر البديع، والكل يتساءل: هل ستحافظ المدينة على هذه المنجزات؟ ومن المسؤول عن حمايتها: الساكنة، الجماعات المحلية، الولاية، وزارة الداخلية، البيئة والتعمير…..؟ وهل تستمر  المشاريع أم تتوقف إلى غاية مؤتمر دولي في نفس حجم مؤتمر الامم المتحدة للمناخ، للنهوض من جديد بالمدينة، والاعتناء بمجالها الاخضر؟ هل ستعود السرقات والجرائم من جديد، أم ستكون الاجهزة الامنية، والتجهيزات المحدثة وعلى راسها الكاميرات المبثوثة في اهم الشوارع جاهزة للحد من سطوة المنحرفين، ورصد التحركات المشبوهة التي أضرت بالسياحة، وأعطت صورة غير مشرفة عن المغرب. هل سيضطر المواطن إلى التبول على جدران المنازل واسوار المدينة، أم ستوضع في خدمته مراحيض عمومية، اسئلة واستفهامات لن تجيب عنها تطمينات المسؤولين ووعودهم، ولا الامكانات المادية المرصودة للغاية، ولكن الايام كفيلة بوضع جميع مكونات المجتمع امام مسؤولية خدمة المصلحة العامة والمساهمة في حماية المكتسبات وتنمية مدينة  مراكش العريقة.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد