مادة فوس-تشيك المثبطة للهب: استخدامات وأثرها في مكافحة الحرائق في لوس أنجليس
في مشهد غير مسبوق، اجتاحت الحرائق أجزاء من مدينة لوس أنجليس الأمريكية، وألقت الطائرات آلاف اللترات من مادة مثبطة للهب ذات لون فلوري، تميزت عن الدخان الأسود الناتج عن الحرائق. هذه المادة، التي تعرف باسم “فوس-تشيك”، تستخدم منذ أكثر من ستة عقود في عمليات مكافحة الحرائق.
تتكون مادة “فوس-تشيك” من مزيج من فوسفات الأمونيوم وأكسيد الحديد (الصدأ)، وهو ما يمنحها اللون الفلوري الساطع الذي يساعد الطيارين على تمييز الأماكن التي تم رشها. وقد ساعد اللون الفلوري في زيادة وضوح الرؤية للطيارين أثناء عمليات الإلقاء، مما يسهم في توجيه المياه والمثبطات بدقة أكبر، ويساعد على تغطية المناطق المتأثرة بالحرائق بشكل فعال.
منذ الأسبوع الماضي، تم استخدام مادة “فوس-تشيك” على نطاق واسع في الأحياء السكنية، وهو أمر اعتبره الكثيرون غير مسبوق. لكن هذه المادة تثير تساؤلات عديدة حول مدى فعاليتها في مواجهة الحرائق الشديدة، خصوصًا في ظل الحرائق المدمرة التي اندلعت في لوس أنجليس والتي أودت بحياة 25 شخصًا على الأقل وما زالت خارج السيطرة في بعض المناطق.
الطيار جيسون كولكوهون، الذي يعمل مع شركة “هليكويست” المتخصصة في مكافحة الحرائق، أكد أن استخدام هذه المادة ساعد في توفير رؤية أفضل خلال العمليات. وقال: “إنه أمر مذهل… يمكن رؤيته بسهولة كبيرة.” وأضاف أن هذه المادة تساهم أيضًا في استمرار العمل حتى بعد تبخر الماء الذي يتم خلطه معها، مما يجعلها فعالة لفترة أطول.
لكن، على الرغم من فعالية مادة “فوس-تشيك” في بعض الحالات، أشار البعض إلى أنه قد تكون لها بعض التأثيرات السلبية. الباحث دانيال مكاري، الأستاذ المساعد في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة جنوب كاليفورنيا، لاحظ أن المادة ربما لا تكون فعالة بما فيه الكفاية في مواجهة الحرائق الضخمة التي يتعذر السيطرة عليها، حيث قال: “لقد رأينا أن المادة قد تكون مفيدة في بعض الحالات، لكنها لم تنجح بشكل كامل مع الحرائق الكبيرة.”
تعتبر هيئة الغابات أن مادة “فوس-تشيك” آمنة نسبيًا للإنسان والبيئة، حيث تلتزم بمعايير وكالة حماية البيئة الأمريكية التي تضمن أن المادة “غير سامة تقريبًا” للإنسان والثدييات. كما أشارت إلى أن القانون يحظر إلقاء المادة على المسطحات المائية أو المناطق التي تضم أنواعًا مهددة بالانقراض إلا في الحالات الطارئة.
مع ذلك، قد تحدث بعض الحوادث غير المقصودة في حال تغير اتجاه الرياح أو في حالة الإلقاء غير الموجه بدقة. في 31 ديسمبر الماضي، تم سحب تركيبة قديمة من مادة “فوس-تشيك” تدعى “إل سي 95” من الأسواق بعد أن أظهرت أبحاث مكاري احتواءها على نسبة عالية من المعادن الثقيلة التي قد تؤثر على مياه الشرب.
التركيبة الجديدة من المادة، المعروفة باسم “إم في بي-إف إكس”، أقل سُمية وتعتبر آمنة أكثر للبيئة. ورغم ذلك، يُحذر من أن المادة قد تسبب تهيجًا في الجلد أو غثيانًا إذا تم ابتلاعها.
في النهاية، على الرغم من أن مادة “فوس-تشيك” تعتبر آمنة إلى حد كبير، فإن استخدامها على نطاق واسع خلال الحرائق الأخيرة قد أثار العديد من التساؤلات حول تأثيراتها المحتملة على البيئة والصحة العامة. ومع تزايد استخدامها في مناطق سكنية، تبقى الأسئلة حول تأثيراتها الصحية والبيئية مفتوحة للنقاش.