على قمة جبل يعلو عن سطح البحر بـ 236 مترًا شمال قلب مدينة أكادير، تقف قلعة أكادير أوفلا، الشاهدة على تاريخ عريق يمتد لنحو خمسة قرون. أنشأها السلطان محمد الشيخ السعدي في عام 1540، لكنها تعرضت لزلزال عام 1960 حولها إلى أطلالٍ، مما جعلها تتحول إلى مقبرة جماعية تدفن تحت ترابها وآثارها حضارة غنية. ورغم إدراجها ضمن المواقع التاريخية المصنفة تراثًا وطنيًا من قبل وزارة الثقافة المغربية، إلا أن حالها اليوم يعكس إهمالًا شديدًا وتجاهلًا طويلًا.
القلعة التي صمدت أمام الزلزال وتسببت في تدمير المدينة، لا تزال شامخة جزئيًا، إذ بقي سورها قائمًا رغم ما تعرضت له الأسوار الأخرى من تدهور. مراسل الأناضول زار الموقع وأكد أن القلعة أصبحت في وضعية صعبة جدًا بسبب غياب الصيانة والتدخلات اللازمة للمحافظة عليها. يشير السكان المحليون، الذين يطلقون على المنطقة اسم “أكادير إغير”، إلى أن القلعة أصبحت مهملة، وأصبحت مكانًا للإهانة، بالإضافة إلى أنها تظل مقبرة جماعية لضحايا الزلزال.
أحمد أوموس، الخبير في المركز الوطني للمباني التاريخية بالمغرب، أشار إلى أن القلعة تعاني من تدخلات غير قانونية، مشيرًا إلى أن هناك من يسعى لاستغلال الموقع لأغراض تجارية، مثل إقامة غابة من وسائل الاتصال اللاسلكي، بعيدًا عن الحفاظ على تاريخها. وتضيف الوزارة المغربية أن بعض أعمال الترميم السابقة لم تجرِ وفقًا للمعايير المهنية، ما أدى إلى تدهور الحالة العامة للأسوار، وتساقطها عند أول أمطار.
كما تشهد القلعة أيضًا انتشار العديد من الرادارات والهوائيات، بينما يتكاثر السياح غير المنظمين، وتزداد ظاهرة الباعة في المنطقة. وهذا يعكس صورة غير لائقة للموقع التاريخي، الذي كان يجب أن يكون مكانًا للزوار للاستمتاع بتاريخ المنطقة، وليس ساحة فوضوية.
في مواجهة هذا الواقع المؤلم، دعت هيئة مدنية مهتمة بحماية قلعة “أكادير أوفلا” إلى ضرورة فتح نقاش موسع بين جميع الجهات المعنية للتوصل إلى حلول علمية وتقنية للحفاظ على الموقع. كما اقترحت إعادة دراسة وضع القلعة كمقبرة جماعية وتحويل رفاة الضحايا إلى مكان مخصص لذلك، مع ضرورة التركيز على إعادة ترميم الموقع بشكل محترف ومناسب.
في خطوة إيجابية، نظمت وزارة الثقافة المغربية ورشة عمل لمناقشة أفضل السبل لإعادة إحياء القلعة، وشددت على ضرورة التدخل العاجل لحمايتها وإيقاف الاستغلال غير القانوني. كما أكدت الوزارة تصميمها على تنسيق جهود الجهات المعنية لإعادة الاعتبار للموقع وضمان سلامته للأجيال القادمة.
قلعة أكادير أوفلا، التي كانت وما زالت رمزًا لحضارة تاريخية، بحاجة ماسة إلى اهتمام حقيقي لحمايتها، وإعادة الاعتبار إليها، لتظل شاهدًا حيًا على تاريخ أكادير وتطورها.