بقلم: يس مرنيس
في مشهد درامي مفاجئ، انقلب فيه الهتاف ضحكا وتشجيعا للفريق البيضاوي في مباراته الودية، إلى الصراخ ألما وحزنا، إثر انهيار عمارة من أربعة طوابق على مقهى في الطابق السفلي، بشارع العلام إدريس الحارثي بالبيضاء.
مشهد أليم تبكيه العين بدل الدمع دما، أعاد لساكنة البيضاء ليلة بوركون المؤلمة في حادث مماثل بالأمس القريب، والذي خلف قتلى وجرحى من ساكنة العمارتين المنهارتين.
ليطرح السؤال نفسه مرة أخرى، سؤال تفننت في صياغته الأقلام، وأبدعت في الإجابة عنه العامة من الناس، في حين عجزت عن حل معضلته الجهات المعنية. سؤال مل وكل من طرح نفسه، من المسؤول؟
حادث أصبح من الحوادث العادية لدى المغاربة، إذ يتكرر في الآونة الأخيرة كل مرة بالأحياء الشعبية، التي تعج بالبنايات القديمة، فالوجهة هذه المرة صوب أحد أشهر الأحياء الشعبية بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، “حي اسباتة” حي شعبي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بتراب عمالة بنمسيك، ففي عصر يوم الجمعة الخامس من هذا الشهر، وفي مشهد غريب ومفاجئ تعالت فيه صرخات الناس والمارة، إثر انهيار عمارة من أربعة طوابق، تطل على الشارع الرئيسي، ولكم أن تتخيلوا حجم الخسارة البشرية، عمارة من أربعة طوابق، طابق به عيادة طبية، بها الطبيبة ومساعدتها ومرضاها، وثلاثة طوابق الأخرى بها ساكنوها، أما الطابق السفلي فبه مقهى شعبية امتلأت عن آخرها، فالحادث تزامن مع مباراة لفريق بيضاوي محبوب لدى ساكنة “اسباتة”.
تسارع الجيران والمارة من الناس لإنقاذ من يمكن إنقاذه من الضحايا، وهم في استياء وسخط كبيرين من تأخر الإسعافات كعادتهم، وكان لرجال الحي فضل كبير في انتشال جثت بعض الضحايا، وفي لحظة تقشعر لها الأبدان تم استخراج امرأة وقد ذهب الحطام بكلتا رجليها، إلى حين التحاق قوات الإسعاف والأمن، حيث استمرت عملية الإنقاذ إلى حدود الساعة الحادية عشر ليلا، لكنها عجزت عن الوصول إلى ضحايا الطابق الأول والمقهى، ويذكر أن الحصيلة الأولية للحادثة بلغت 4 قتلى، و19 جريحا، منهم 6 في حالة خطيرة، لكن ما خفي تحت الأنقاض أعظم.
وبالرجوع إلى أصل الحادثة، وحسب بعض الشهود العيان من الجيران، فإن صاحب العمارة عمد إلى بناء طابقين إضافيين، ليتم بها أربعة طوابق كاملة، غافلا في ذلك قدم البناية، وقدم أساسها وسواريها، التي لم تستحمل الطابقين الإضافيين، فبدت تصدعات في الجذران قبل أن تهوي على رؤوس الساكنة وزبائن مقهى “سمارة”.
فمن المسؤول؟
هل هم سماسرة ومجرمو العقار؟ أم هي الرشاوي الملعونة المدفوعة للسلطات المعنية للتستر على التطاول في البنايات؟ أم هو حب المال وتكديس الثروة ولو على جثت الناس الأبرياء؟ أم؟ أم؟ أم؟ أم؟؟؟؟؟ أسئلة كثيرة، أجوبتها بديهية ومألوفة لدى العامة، لكن متى يحن الوقت لمحاسبة المسؤولين، لوقف نزيف دماء الأبرياء؟
سؤال يضل عالقا إلى أجل غير مسمى.