أهم فعاليات وندوات مهرجان وجدة للفيلم المغاربي

صــــفــــــاء آغـــــــــا

ندوة السينما والشعر + ماستر كلاس السينما وأسئلة الفكر 

بعد أسبوع حافل مع أهم وأجود الإنتاجات السينمائية المغاربية للدورة السادسة للفيلم المغاربي بوجدة، تتخللت أيام المهرجان كذلك أنشطة مختلفة، حيث إحتضنت قاعة الندوات بكلية الطب والصيدلة بالمدينة لقائين ثقافيين هامين أدارهما الناقد السينمائي والباحث السوسيولوجي السيد ” فريد بوجيدة ” .


وكان اللقاء الأول  : عبارة عن ” ماستر كلاس ” حول  ” السينما وأسئلة الفكر ” والذي إستطاع من خلاله البروفسور الدكتور ” محمد نورالدين أفاية ” الذي كان يترآس كذلك لجنة تحكيم المسابقة للفيلم الطويل ، أن يقرب الحضور من  أبرز العلاقات القائمة بين السينما كإبداع فني والفلسفة كممارسة فكرية ، كما أشار إلى العديد من المفكرين الذين تفاعلوا مع الظاهرة السينمائية بأشكال متعددة ومن زوايا مختلفة ،  وهو يعد من أبرز المفكرين وأساتذة الفلسفة والجماليات المؤهلين للحديث و الشرح عن علاقة السينما بالفلسفة ، ومن خلال إجابته على أسئلة المتدخلين المشاركين بالمناقشة التي أنمت عن إطلاعه وإلمامه العميق بتاريخ السينما وكبار صناعها ومعرفته العميقة بجل الكتابات الفلسفية  والفكرية حول السينما ، ومتابعته المستمرة لأعمال المبدعين السينمائيين التي تتضمن مواضيع فكرية وتطرح تساؤلات فلسفية . 


أما اللقاء التاني  : عن ” السينما و علاقتها بالشعر ” والذي تناول مناقشته الناقد السينمائي الجزائري ” عبد الكريم قادري ” حيث أشار إلى مسألتين مهمتين في هذا السياق وهما : ضبابية وهلامية مصطلحات أصبحت تغزو السينما مؤخرا مثل ” شاعرية السينما ” و ” سينما الشعر ” وغيرها من هذه المسميات ، مؤكدا على ضرورة تحديد هذه المفاهيم بدقة حتى يتم تجاوز الغموض لدى مستعملي هذه المصطلحات ، حيث قسم السينما إلى صنفين حسب وجهة نظره أن هناك : ” سينما الشعر  ” أو  ” السينما الفنية ” و ” سينما النثر ” أو ” ما يسمى ” بالسينما الإستهلاكية ” ، كما إستشهد بتجربة المخرج الكبير ” باولو بازوليني “التي جمعت فيه موهبة الإبداع الشعري والإخراج السينمائي ، لأنه من المخرجين الذين  عرفت أفلامهم ذلك التفاعل الشعري بالسينما.


 من جهته الشاعر والناقد المغربي ” يحيى بنعمارة ” إستعرض بعض الآراء المرتبطة بثنائية السينما و الشعر وهو سؤال مهم لأنه الكثير من المنجزات السينمائية في تاريخ السينما العالمية خاصة في المنطقة المتوسطية إن صح التعبير كانت مهمة جدا من خلال تجارب  عدة مخرجين كبازوليني و بيركمان وجولييت كوادر وغيرهم فهم من المخرجين الذين أسسوا من خلال تجاربهم المستقلة والمتفرقة وفي سياقات تاريخية مختلفة هذا التأسيس للغة الشعرية في المتن السينمائي ، حيث أشار إلى أن الخطاب النقدي السينمائي كان يرتكز بشكل كبير على الأبعاد السياسية والإجتماعية والإيديولوجية في مقاربته للأفلام ، وكيفية تناول السينما في علاقتها بالرواية والتشكيل قبل أن ينفتح على البعد الشعري والجمالي . 


 ندوة ” الثقافة قاطرة التنمية “

وهي من أهم الندوات التي عرفتها الدورة السادسة لمهرجان الفيلم المغاربي بوجدة ، حيث دارت حول علاقة السينما بالتنمية وناقشت مجموعة من الأفكار عن كيفية أن تكون السينما قاطرة للثقافة حيث كان تدخل المخرج المغربي ” عز العرب العلوي ” منصب حول ما يسمى بلجنة الفيلم وهي إحدى أهم المكونات الحضارية التي أصبحت تنشأ في كل جهة على أساس أن تقوم هذه اللجنة بربط علاقات مع المخرجين والمنتجين لتسهيل التصوير وكذلك لبحث أمور السينما في الجهة كما طرح إشكالا كبيرا هو أن هذه لجان الفيلم لا يمكن لها أن تقاوم الجهات الرسمية في الجهة لأنها غير معترف بها بالشكل القانوني وتدخل في إطار ما يسمى بالجمعيات ، ولجان الفيلم الموجودة والتي أسست لحد الآن لا يمكن الإعتراف بها إلا بلجنة الفيلم بجهة ورززات بإعتبارها تابعة للمركز السينمائي والتي أسست بطريقة قانونية وتحاول أن تجلب الأفلام الأجنبية لمدينة ورززات لتقوم بتسويق الديكور المغربي، لكن لجان الفيلم الأخرى التي نعتمد عليها في المناطق الجهوية على أساس أن تكون قاطرة يعيقها الجانب القانوني وبالتالي فإنها لا تقوم بالدور المنوط بها وتبقى مجرد حبر على ورق.

في تطرق السيد ” مطران ” الوزير البلجيكي من أصل مغربي إلى التجربة البلجيكية وكيف يمكن أن نعتمد على الثقافة وعلى السينما في تطوير الناتج الخام الداخلي للدولة، عمل على إعطاء نموذج بدولة بلجيكا التي أصيبت بضربات إرهابية وتأثر الإقتصاد  فيها والثقافة وكيف حاولوا الخروج من هذا المأزق حيث عملوا على إعادة هيكلة جميع المهرجانات الموجودة في بلجيكا ،حيث أنهم وضعوا المهرجانات التي كانت متقاربة جدا في مناطق زمنية كي يستقطبون السياح وهذا يُبين أنهم إعتمتدوا  برنامج نموذجي ثقافي يهم المواطن البسيط بحيث كل من يمتلك من مقتنيات أثرية عملوا لها متاحف صغرى إلى أن تطورت الفكرة وأصبحت عالمية وهكذا إستغلوا الأفكار المبدعة لترويج ثقافتهم لمختلف السياح.

من جهته الأستاذ عبد اللطيف بن عمار من تونس تحدث عن العلاقة مابين الثقافة والسلطة حيث قال مادامت السلطة هي التي ترعى الثقافة فلا يمكن لهذه الثقافة أن تكون قاطرة للتنمية وبالتالي حسب قوله الثقافة يجب أن تستقل بذاتها وأن تكون حرة كي تكوووون قاطرة للثقافة ، وبشكل يمكن القول أن تكون الثقافة قاطرة للتنمية لأنها تعتمد على البنية الفوقية للإنسان وبالتالي حينما نقوم بإنشاء البنية التحتية عبارة عن فنادق وعن طرق وغير ذلك لأن الإنسان لايمكن أن يتطور وأن يعطي و أن يكون ذلك الإنسان الحضاري إلا بوجود البنية الفوقية وبالتالي حين نستثمر في الثقافة فإننا نهدأ أطباع الناس ونستثمر في الفكر الإنساني لأنه حاليا الكثير من الناس الذين يمارسون العنف لا علاقة لهم بالثقافة أو الفن وبالتالي الإستثمار في هذا الجانب هو الإستثمار في كل ماهو حضاري، وهو ما يسبب شيوع السلام في العالم .

                         ندوة ” الثورة الرقمية والحراك الشعبي ” 

وهي ندوة لا تقل أهمية عن سابقاتها والتي ترأسها الناقد المصري ” أحمد شوقي ”  حيث تناولت أهم القضايا التي يعيشها الوطن العربي بصفة عامة وهي فكرة التكنولوجيا الرقمية أو ما يسمى ” بالديجتال ” الذي شهده العالم مؤخرا ، وبما أنها تناقش في مهرجان سينمائي فهي لها طابع سينمائي لكن موضوعها قد يكون أعم من الحديث عن السينما تحديدا و فكرة التحول الذي شهده العالم من مراحل أو العمر الذي إمتد طويلا في وسائل الإعلام التناظرية  أو “الأنالوك ” أو ” سينما 35 ميلي ” أو ” راديو إي إم ” أو مختلف أشكال النشر التناظري وصولا للديجيتال الذي أصبحنا جميعا  من خلاله نجري الحديث  ونتواصل عن طريق هاتف محمول وبالتالي السينما أصبحت كذلك تصور بكاميرات رقمية.

حيث أن كل شيء في حياتنا أصبح مرقمنا وهذا ليس فقط تغير على المستوى التقني ولكن بالتأكيد أن له آثار واضحة ومميزات وسلبيات ومن ضمنها الإنخراط والتشابك الشديد مع فكرة الحراك الشعبي والثورات أو التغيرات التي تحصل في بعض الدول العربية والتي كانت معظم الدعوات لها والوسائل التي حركتها هي عبر وسائل التواصل الإجتماعي مثل ” الفيسبوك ” و ” التوتير ” وغيرها من الموضوعات ، وهذه الندوة  شارك فيها آيضا كل من الناقد المصري ” وليد سيف ” والناقد العراقي ” قيس قاسم ” وأدارها الناقد المغربي ورئيس جمعية النقاد المغاربة  ” خليل دامون ، حيث أثارت الورقة البحثية التي تقدم بها الناقد ” أحمد شوقي ” الكثير من التدخلات والتساؤلات من مختلف الفئات العمرية التي ساهمت في إغناء الندوة.

والذي شارك فيها بالحديث عن تأثير الثقافة الرقمية على تصرفات المجتمع وعلى سلوكاته كمشاهدين أولا وكصناع أفلام أو منتجات إعلامية تانيا وعن كيفية طبيعة المشاهد التي تغيرت من مشاهد سلبي لمشاهد جمعي الذي يتفرج على نفس القناة التلفزيونية ويقرأ نفس الجريدة اليومية قبل عشرين سنة ليس أكثر و بين تفكيك الرسالة الإعلامية حيث أصبح كل منزل يكون فيه ثلاثة إخوة كل واحد منهم يتعرض لرسائل إعلامية بالغة أو تامة الإختلاف عن شقيقه الذي يعيش معه في نفس البيت، وكيف إستطاعت هذه الثرورة التأثير على كل شيء حتى فيما يخص ميولات الإنسان الشخصية مثل ماذا يحب ، ماذا يتابع ، ماهو الناجح  والفاشل بالنسبة له ، وماهي الوسائط الذي يستطيع  من خلالها جني الربح المادي ، و كيف يستطيع الإنسان صنع فيلمه أو نشر أغنيته كل هذا تغيير نعيشه بشكل يومي وأصبح من الأكيد والمستحيل أن  نبتعد عنه أو نتنكر وجوده لأننا كلنا أصبحنا منخرطين فيه وهو العصر ولا نستطيع الهروب منه  .
تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد