كلمات قلم

صوفيا الصافي  كاتبة واعلامية  .. صوت من المغرب 

في الصباح الباكر نهضت من فراشها , كانها خرجت من الحلم توا , تكلم نفسها :

 ساجرب  ان أرفع  قلمي و أكتب من جديد,  كم مشتاقة جدا لهذه “الرفعة” حيث مضى وقت طويل لم أكتب فيه شيئا، وقت حملتّه بين ضلوعي الكثير من الأمور! منها الايجابية و السلبية, الحلوة و المرة و لكن أهمها هو دخولي  كما يقال في المثل العامي “قفص الزوجية”، ثم أصبحت  بعد ذلك من مؤيدي هذا القول حتى نسيت نفسي ونسيته !

ساتحدث بلغة البوح العلني وليس السري ! سمعت فيروز تغني في المذياع  فتذكرت حلمها في تلك الليلة التي  كتبت عنوانا جديدا فيه  لقصة قصيرة ..

عنوانه طويل جدا استرخى على طول الحلم  : نداء بلا مجيب، و ثدي بلا حليب، يمثل ذلك الجرح الذي تصنعه أنت أيها الرجل .

جلست لتشرب  كاسة الشاي  المعهودة في النعناع، ثم تناولت اوراقا بيضاء وضعتها على الطاولة ومسكت القلم  الذي تحبه دائما  .. انه قلم الرصاص ! الذي تستطيع ان  تمحي ماتكتب به !

ثم سالت قلمها :

لا أدري إن كان بالأمر الصائب و الجيد أن يتزوج الشخص و يصبح مكسور الجناح بشكل أو بآخر؟ اوربما قد يكون  الزواج هو “تكملة الدين” إن صح القول هو  صحيح ؟ لكن للأسف ( ناس الماضي ) ليس هم (أناس هذا الزمن ) .؟؟ كيف تجيبني ياسيدي القلم !!

اجابها بصوت هاديء جدا.. وهو يخط  بصماته على الورق، كانه يرد عليها باسلوبها الهاديء ! فهو يحبها ويحترمها ويخجل منها ! جلست  امامه، جميلة، ممشوقة،  بشعرها المتناثر على  كتفيها كانها غجرية. مستدير هو وجهها  الباسم ! كان معجب بها جدا ويعشقها همس مع نفسه قائلا : بالرغم من الالم الذي  يحيق بها  الا انها كانت تصنع البسمة وضحكتها تجلجل الدنيا !

ماذا قلت ؟

عفوا  سيدتي هو موضوع يصعب الحديث فيه حقا  واخشى ان اكتب به  كيما يقطعوا نبالة راسي ! كان خائفا  ..

التفت يسارا ويمينا  بنظرة شك وريبة  واردف قائلا : لأنه جدا متشعب، وشائك وما يزيد الطين بله فيه هو: فكرة الزواج بالنسبة للفتاة  الشابة او القاصر  في مجتمعاتنا العربية  بصفة عامة و المغربية بخاصة.. تشكل كارثة كبرى  !! اخفض صوته  ثم اضاف : دعيني اقول لك شيئا : في الاونة الاخيرة .. كثرت الأقوال و الأمثال الشعبية  في هذا الجانب خصوصا بالنسبة للفتاة الشابة التي  اصبحت  بالغة  لعامل الارتباط الزوجي ! يقال لها دائما :

: “سيري تزوجي “، “أش عندك ماديري بشي قرايا كاع” “ديها فراجلك”؟؟

لحظات صمت وسكون  سادت المكان ..  حتى  سمعت  صوت فيروز  اوشك على الانتهاء  ..

 حتى ردت عليه بغضب :

 نعم حتى لو كنت  انا  انسانة حالمة شفافة  اعشق  بصدق ! لكن هذا لايجعل من (الزوج)  ان يكون سي سيد  وهو  التمثال “المقدس” الذي يفرض علي  كل شيء وان أ خضع له وان أقدسه  وأنحني امامه  كشهرزاد  امام  شهريارها !  تنحني أمامه في كل وقت و حين، هذا ما تقصد ؟؟ وتقص له الحكايا  في كل ليلة وليلة !؟ وأسفاه على ما أصبح عليه اليوم – سي سيد هذا- الذي استخدم سلطته ومنصبه  لإضعاف  دور المرأة و جعلها دائما أسفل سافلين في مجتمعه الذكوري هذا!

اليس هذا ما كنت تريدني ان أقول ؟؟

لالا ابدا سيدتي  ليس هذا هو المقصود !

اسمحي لي ان اقدم اعتذاري اليك فانا مجرد قلم  تتلاعب بي الاصابع والافكار كموجة صغيرة  بالبحر تلاطمها الموجات الاكبر والاكبر  حتى تنكسر تماما، وفي بعض الاحيان تتحول الى زبد البحر ! ترمى كوساخة على الشاطيء ! كنت اقصد ذلك  السؤال الذي يفرض نفسه و بقوة اليوم : الى متى سيظل هدا الرجل ينفخ ريشه على هذه المرأة التي هي من المفترض ان تكون  نصفه الأخر ويتعامل معها معاملة حسنة ؟

هو مخلوق كجميع المخلوقات,كما أعطاه الله مهمة ألاحترام والاهتمام، لابد من رعاية المراةوالعناية فيها واحترامها ايضا ؟

قاطعته  بشدة على رايه هذا  متعثرة بلسانها  : اسمع يا انت ايها القلم، نعم، انت جماد ولكنك ناطق حينما يستخدموك صح   ! خاصة اصحاب المناصب  فانت  تحيي وتميت ( بجرة صغيرة  منك ) ايها القلم  كما يقولون !

اسمع جيدا انا لست بصدد محاكمتك ؟ ولا تانيبك  ابدا !

انت بالذات  تعني لي الكثير واحبك لانك تعرف بهمومي حينما  استغيث بك وتصطف معي !!

إلا أن كل من هؤلاء ( الرجال ) يستخدم هذه “القوة”والسيطرة  الذكورية بطريقته الخاصة: حسب: ” أنت تأمرين بتنفيذ هذا الامر ! وتعملين كذا وكذا  الى اخره من الاوامر !

علما ان  -الأمر لله تعالى- اليس هذا صحيح ؟ وفي الأخير تدور العجلة و تعود لمطرح البداية: أهو حلم يصبح خرافة؟ أم هي حلاوة تتحول إلى مرارة؟؟ اليس هذا  قتل لنا ولافكارنا نحن معشر النساء ؟

سيدتي  الطيبة  أرجوك ان تسمعيني  ليس الامر هكذا ..  دعيني اقول لك شيء

من حلاوة اي فتاة تحب صديقها  تتمنى أن يأتي اليوم الذي ستكون بجانبه و ترضيه، و تكون سيدة بيته، إلى مرارة  قاسية لانريدها ان تتكرر وتصبح مملة فيها عبارة  او مجموعة من العبارات الثابته محطة للاستراحة، أو وسادة للراحة، و أريكة للنوم!!وهكذا ! صح ؟

كم من  احلام تبخرت  وسرعان ما يتغير تركيبة العش الزوجي ! بعد فترة من الزواج  الاجباري ؟

فالصغيرة القاصرة تاخذ العجوز هذا مارايته اليوم كثيرا عندما يستخدموني  في الكتابة عند ابواب المحاكم الشرعية  وانا الشاهد في قضايا الزواجات الغير شرعية ايضا  !

كلهم يشتمون هذه الزواجات الحقيرة بي انا ! انا القلم !! انا من يمسح الارض بهذه الزواجات التعيسه وليس لي راي اعبر عنه !! ساصاب بالغثيان .

انا ايضا مظلوم  سيدتي !! لاحول لي ولاقوة !

هل تعلمين لو تركوني اعبر عن رايي  في الحياة لشطبتها تماما، وقلبتها  راسا على عقب !  لما ارى من مصائب تكتب تحت نظري !وبالقوة  والاجبار !

سيدتي انا وانت في الهوى سوى!!

نعم صديقي  الغالي ..

 لا أنكر أن هناك لحظات جميلة، لا يمكن نسيانها و لكنها سرعان ما تتبخر و تعود الرياح أدراجها لتأخذ الاتجاه المعاكس و تسافر عكس التيار! أما الفظيع هو أن كانت هذه المرأة تحلم أنها ستصبح فردا من عائلة زوجها!

 تلك هي الكارثة ياربي!

ماذا تقولين ؟ سيدتي؟

انه  حلم زهري لا تستفيق منه إلا حينما تصفع بأيادي حديدية، أو بأصابع من الشوك، كل شوكة تحمل بين أسنانها سما يصعب اقتلاعه! حتى و إن أرادت المرأة أن تتخلص منه، يكون  الوقت فات ومضى الزمن  هاربا بعيدا اي بمعنى “فات” حينها تحل  النهاية قبل البداية !!

دق جرس الباب.  كان ساعي البريد حمل رسالة على عنوان امراة بالخطأ !!!

مرة اخرى .. اين وصلنا بالحديث ؟ لايهم ابدا  .. هذا  الصباح ليس مثل باقي الصباحات.

أجدني اليوم ارى هذه الحالة  كأنها مرض السرطان في مراحله المتقدمة  وقد انتشر و تمكن من كل أعضاء الجسم، و النتيجة تصبح المرأة فيه مجبرة على تمثيل دور المهرج و لعب دور العروس كما يحصل  في مسرح العرائس.. وبذلك  يتوجب علىيها ان لاتفارق شفتيها الابتسامة لكي لا تلفت الانتباه و تخلق الحزن في أعماق المقربين منها ومن يجيبوها بالصحيح، في حين تتمزق هي من الداخل في الثانية الف مرة ومرة، لا احد يشعر بها سوى الله تعالى!

 حتى تظل تنتظر ساعة توديعها  هذا العالم المخيف المنحط ! عالم لا يظم إلا الأشباح “المظلمة”في حقيقة (المذكر) المرة !

انهم أشباح في صيغة رجال .. اليس هذا صحيح وانت شاهد !؟

صديقتي دعي هذه الافكار الجهنمية  تغادرك  !! انهم اصحاب راسالمال في مجتمعهم الذكوري !!  ماذا اقول انا ؟

صدقيني  سياتي اليوم  الذي يرموني به بسلة المهملات .. لان التكنولوجيا  قادمة الينا بجزم حديدة  ستسحقنا !  ولا يعود للقلم  من منفعة !

هو صراع سيدتي بيننا نحن الاقلام والنساء  ضد التخلف والظلام !

اسكت .. اسكت .. ماهذا مالذي تقوله ؟؟

قاطعته بلباقة  مثيرة :

انا هنا لا انكب على الرجل او الذكر بصفة خاصة ولا اريد ان  أوصفه كسيء مائة في المائة..

لا ابدا  فهناك بالمقابل  امرأة فضيعة في سلوكها وتصرفاتها ايضا هي سلبية  نتيجة الظروف التي تعيشها من قساوة ومرارة وأضطهاد  من قبل المجتمع .

لكن حصة الأسد في حديثي هذا هي من نصيب الرجل, لان مجتمعنا ذكوري وكل شيئ بيد الرجل !

وبصوت عال : صرخت  كالمجنونة .. صرخة مدوية بوجه القلم : ماذا بك أيها الرجل؟؟

فجأة سمعت صوت يناديها !!

صوت من خلف الباب  : مع من تتكلمين يا بنيتي ؟؟ هل هناك احد ما ؟؟

لالا  يا ابي  ليس هناك شيء  ! كنت ابحث عن  قلمي ! ثم تمتمت مع نفسها : أسئلة هي كثيرة في الدماغ ,  جارحة في القلب و ثقيلة في اللسان و لكنها خفيفة على إسماع الاخرين  و لا أجوبة لها ..

اين انت ياقلمي !! حتى انت  يابروتس !!

التفت يمينا وشمالا وجدته خط لها شيئا على اوراق بيضاء  ثم رحل .. ربما هي  وصايا

هناك أشياء لا يمكن أن تكتمل إلا بوجودك فيها سيدتي لاتقلقي !!

الى لقاء صباح اخر .

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد